
وأخيرًا عدت إلى المنزل... لقد كان يومًا طويلاً وشاقًا بالفعل مر وكأنه عام كامل مليء بالأحداث. وبمجرد أن فتحت الباب ودخلت لم أفكر في الجلوس طويلاً أو الاستراحة، فقد اعتدت عندما أعود إلى المنزل مهما كانت درجة إرهاقي ألا أستريح قبل أن أنهي كل ما أرغب في عمله من أشياء، وأول وأهم هذه الأشياء الصلاة. إنني لم أستطع أن أصلي صلاة العشاء اليوم في المسجد، حيث انشغلت بالكثير من الأمور – شبه المهمة – التي حالت بيني وبين الصلاة. وبما أن وقت صلاة العشاء "ممتد" حتى صلاة الفجر فقد فضلت تأجيلها إلى حين عودتي إلى المنزل. بدلت ملابسي ثم توضأت وأحضرت سجادة الصلاة وحاولت تجميع تركيزي كي أتمكن من الوصول إلى الخشوع المطلوب في الصلاة، فقد كنت في حاجة ماسة إلى الصلاة، حيث كان لدي الكثير من الأعباء والمشكلات والأفكار التي لا يمكن أن أستريح منها إلا من خلال الصلاة. نويت الصلاة وبدأت بالفعل..
الله أكبر... بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم...
لقد كان يومًا شاقًا بالفعل منذ أن استيقظت في الصباح وأنا أشعر أنه سيكون كذلك، ومنذ أن خرجت من بيتي ورأيت جارتنا كثيرة الكلام هذه وأنا متشائم..
ولا الضالين .. آآآمين (اللهم لا تجعلنا من الضالين)
بسم الله الرحمن الرحيم * قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون.....
لقد كان العمل شاقًا اليوم ولكن ما زاد من تأثيره السيئ علي رئيسي في العمل، لقد كان اليوم مملاً وروتينيًا كعادته، ولا أعرف كيف تحكمت في نفسي ولم أرد عليه عندما اتهمني بالتقصير في بعض الأعمال، أنا المقصر أنا؟!!!! إنه يغيب عن العمل ويتأخر كثيرًا وفي النهاية كالعادة أكون أنا المقصر. يا إلهي. لن أسمح له في المرة القادمة بتوجيه مثل هذا الاتهام إلي.
الله أكبر...
سبحان ربي العظيم ....
وما زاد من مأساة هذا اليوم الممل الصعب أنني لم أحصل على أجر مناسب على العمل الحر الذي أمارسه بعد عملي الأساسي، كيف أحصل اليوم على خمسين جنيهًا فقط!! إنني أعترف أنني كنت أسعى طويلاً للحصول على أي عمل أمارسه بعد عملي الأساسي لزيادة دخلي دون فائدة إلى أن منَّ الله علي بهذا العمل، ولكن خمسون جنيه!!! مبلغ غير مناسب بالمرة.
سمع الله لمن حمده... ربنا ولك الحمد والشكر، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا ترضاه.
الله أكبر...
سبحان ربي الأعلى...
مع كل ما عانيته في يوم العمل الطويل اليوم إلا أنه من حسن حظي وجدت بعض الوقت لأمضيه مع أصدقائي، لقد قابلتهم في "وسط البلد" وأخذنا نمشي في الشوارع المزدحمة نضحك ونتسامر ونتحدث ونجتر ذكرياتنا الجميلة عن أيام الدراسة في مراحلها المختلفة وخاصة الجامعة، وعن أساتذتنا وأصدقائنا وما كان يحدث بيننا من مواقف ضاحكة رسمت السعادة على وجوهنا، لقد كانت بالفعل أيامًا رائعة لا تمحى من الذاكرة بعيدًا عما نعايشه الآن من أيام العمل الطويلة المرهقة والمسئوليات الملقاة على أعتاقنا والتفكير في المستقبل والسعي خلف لقمة العيش. لم يكن هناك ضرب في الظهر أو إيذاء متعمد أو محاولات لتسلق السلم الوظيفي من خلال التودد والتقرب إلى الرؤساء وعمل العلاقات المشبوهة مع الآخرين. كانت الضحكة تخرج من القلوب دون تفكير وبتلقائية شديدة ماحية معها أي أثر لأية هموم – إن وجدت – ومبشرة بغد أفضل وحياة سعيدة.
لقد أعجبني اليوم نقاشاتنا عن الواقع الذي نعايشه الآن والفرق بين الماضي والحاضر وتوقعاتنا للمستقبل والشكل الذي يمكن أن نصير إليه بعد عشرة أو عشرين عامًا من الآن. نعم، لقد ساهمت تلك الدقائق التي قضيتها مع أصدقائي في التخفيف من هموم العمل التي عانيت منها اليوم ولم يبق سوى بعض الهموم الأخرى التي لا أجد ما يمحيها سوى الصلاة...
الصلاة!!!!!!
يا إلهي!!!!في أي ركعة أنا الآن؟
أهي الرابعة أم أنني سهوت وصليت خمسًا؟!!
إنني لا أتذكر...
حسنًا، أيًا كانت فسوف أجلس للتشهد ثم أنهي الصلاة.
وبالفعل جلست للتشهد ثم سجدت سجدتي السهو – تلك السجدتان التان أصبحتا فرضًا أؤديه في كل صلاة – وسلمت.
بعد أن انتهيت من الصلاة قمت مسرعًا فطويت سجادة الصلاة وانطلقت... ولكن إلى أين؟ لم يكن لدي ما أسرع من أجله فقد انتهى اليوم ولم يبق إلا النوم... إنه لأمر عجيب... أسرع في الصلاة وأسرع في طي سجادة الصلاة وأنطلق بعيدًا عنها دون حتى أن يكون هناك هدف من وراء ذلك الإسراع. ومن الغريب أنه بعد انتهائي من الصلاة لم أشعر بانمحاء ما كنت أعانيه من هموم، تلك الهموم التي اعتقدت أنه لا يوجد ما يمحيها غير الصلاة... إنه حقًا لأمر عجيب!!! أليس لي الحق أن أتعجب؟!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق